السياحة و الأثار

جامع العطارين

احجز مساحتك الاعلانية

12963469_10207420252482323_6248606095532539039_n

بقلم / طارق بدراوى
بعد جامع العطارين أحد أقدم مساجد الإسكندرية ويعتبر واحدا من المعالم الإسلامية بالمدينة وهو يقع في الشارع الذي يحمل نفس الإسم بحي العطارين العريق وقد عرف بهذا الإسم لوقوعه بالقرب من سوق العطارين أحد أشهر أسواق الإسكندرية قديما وقد عرف هذا المسجد أيضا بإسم جامع الجيوشي نسبة إلى أمير الجيوش في أيام الخليفة الفاطمي النستنصر بالله بدر الدين الجمالي الذي قام بتجديده وتطويره وتوسعته في عام 477 هجرية ولقد كان مكان هذا الجامع في الأصل كنيسة تعرف باسم كنيسة القديس إثناثيوس تهدمت وزال أثرها وأقيم عليها بعد الفتح الإسلامي لمصر جامعا صغيرا إلا أنه بمرور الزمن بدأ هذا الجامع في التهدم وتهاوت بعض أسقفه في بداية العصر الفاطمي فلما قدم أمير الجيوش بدر الجمالي إلى مدينة الإسكندرية سنة 477 هجرية لإخماد الثورة التي قام بها إبنه الأكبر الأوحد أبو الحسن الملقب بمظفر الدولة الذي كان قد تحصن بمدينة الإسكندرية بعد أن ولاه أبوه عليها وقد نزل بدر الجمالي على أبواب المدينة وحاصرها شهرا حتى طلب أهلها الأمان وفتحوا له أبوابها فدخلها وأخذ إبنه أسيرا وعاقب أهل الإسكندرية الذين أيدوا حركة إبنه الأوحد بأن فرض عليهم جميعا مسلمين وأقباط مائة وعشرين ألف دينار علي سبيل الجزية حملت إليه فجدد بها بناء جامع العطارين وقد ذكرت المصادر التاريخية بأنه تم الإنتهاء من بناء الجامع في شهر ربيع الأول عام 479 هجرية وأقيمت به أول صلاة جمعة حينذاك وبإنشاء جامع العطارين أصبح لمدينة الإسكندرية مسجدان جامعان هما الجامع الغربي وهو الجامع العتيق الذي أسسه عمرو بن العاص عند فتحه لمصر وكان يعرف بجامع الألف عمود والجامع الشرقي الجديد أو جامع العطارين وقد إستمر هذا الجامع مسجدا جامعا إلي أن زالت الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين الأيوبي الذي أمر بنقل صلاة الجمعة وخطبتها من جامع العطارين وذلك نظرا لكراهيته للفاطميين ولمذهبهم الشيعي ولذلك فقد تم منع إقامة الخطبة وصلاة الجمعة به فترة طويلة من الزمن حيث أقيمت فقط بجامع عمرو بن العاص أو الجامع الغربي حتى عهد دولة المماليك الذين بدأوا في عمارة وترميم وتجديد المساجد الفاطمية حيث أعيد إقامة الخطبة وصلاة الجمعة به في عهد السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون
وقد تعرض جامع العطارين لبعض الأضرار حيث سقط عمود من أعمدته في يوم 11 من شهر ذي القعدة سنة 772 هجرية وتكسر ولم يحدث بسقوطه أي ضرر وفى شهر المحرم عام 773 هجرية تم ترميم جامع العطارين وكسي بالبياض وكان في صحنه روضة خضراء كتقليد كان متبعا بمساجد المغرب والأندلس في ذلك الوقت إلا أن جامع العطارين لم يلق عناية كافية في أواخر العصر المملوكي وخلال العصر العثماني فتصدعت جدرانه وتهاوي سقفه فلما تولي الخديوي عباس حلمي الثاني الحكم أمر بتجديد عمارة الجامع عام 1901م وبذلك لم يتبق من عمارته الأولي سوي البقعة التي أسس عليها واللوحة التي تضم النص التأسيسي للجامع والتي تدل على تأسيس الجامع في عصر بدر الجمالي
ويتكون التخطيط المعماري العام للجامع من مساحة مستطيلة تبدو من الخارج مثلثة الشكل حيث يتصدر قمة المثلث من الخارج بالناحية الجنوبية الشرقية كتلة المئذنة وهي ذات قطاع دائري ومكونة من 3 حطات بينها شرفتان توجد اسفلهما مقرنصات بديعة الشكل والحطة الأخيرة عبارة عن 8 أعمدة بينها فتحات طولية ومحمل عليها رأس المئذنة والذى يشبه القلة المقلوبة ويرتكز علي سقف دائرى مقرنص تحمله تلك الأعمدة ويبرز عنها ويعلو فوقه هلال نحاسي وللجامع واجهتان هما الواجهة الشمالية الشرقية وهي الواجهة الرئيسية ويقع بها المدخل الرئيسي للجامع الذي يقع بالطرف الشمالي للواجهة كما يوجد بالطرف الشرقي للواجهة مدخل آخر يؤدي إلى القبة الضريحية كتب أعلي هذا المدخل كتابة نصها هذا ضريح سيدي محمد بن سليمان بن خالد بن الوليد جدد سنة 1319م أما الواجهة الجنوبية الغربية فإنه يقع بها ثماني محلات تجارية كانت موقوفة على الجامع للصرف من ريعها عليه وعلي صيانته ويقع بالطرف الغربي للواجهة مدخل آخر يؤدي إلى روضة الجامع ويعلو هذا المدخل كتابة على العتب نصها جدد هذا المسجد المبارك في عصر خديوي مصر عباس حلمي الثاني أدام الله أيامه سنة 1319 هجرية
هذا ويتوج واجهات الجامع من أعلي صف من الشرفات على هيئة ورقة نباتية سباعية الفصوص أما الجامع من الداخل فإنه يتكون من طابقين خصص الطابق الأرضي لصلاة الرجال بينما خصص الطابق الأول لصلاة النساء ويتكون الطابق الأرضي من الداخل من مساحة مستطيلة هي بيت الصلاة يتوسطها أربع دعامات حجرية أدمج بكل منها عمودان من الرخام تحمل عقودا مخموسة وقد غطي سقف الجزء الأوسط من الجامع بشخشيخة فتح بكل ضلع من أضلاعها أربع فتحات نوافذ من الجص وأسفل سقف الجزء الأوسط شريط كتابي من آيات قرآنية من سورة الفتح ويتصدر الناحية الجنوبية الشرقية حنية المحراب ويجاورها منبر الجامع وقد زخرف سقف الجامع كله بزخارف ملونة قوامها زخارف نباتية وهندسية رائعة
ويوجد بالطرف الشرقي للجدار الجنوبي الشرقي فتحة مستطيلة تؤدي إلى القبة الضريحية الملحقة بالجامع وهي عبارة عن حجرة مربعة يتوسط أرضيتها تركيبة من الخشب ويغطي سقفها قبة حجرية محمولة على مثلثات كروية وقد زخرفت خوذة القبة من الداخل بزخارف نباتية ملونة وقد فتح بكل جدار من جدران القبة الضريحية ما عدا الجدار الجنوبي الشرقي قمرية من الجص الملون زخرفت على شكل وريدة وبصدر القبة الضريحية بالناحية الجنوبية الشرقية فتحة مستطيلة تؤدي إلي حجرة صغيرة مستطيلة بصدرها النص التأسيسي للجامع ويرجع تاريخه إلى عصر بدر الجمالي الفاطمي وهو عبارة عن لوحة مستطيلة بداخلها كتابة بالخط الكوفي نصها بسم الله الرحمن الرحيم إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتي الزكاة ولم يخش إلا الله مما أمر بإنشائه السيد الآجل أمير الجيوش سيف الإسلام ناصر الإمام كافل قضاة المسلمين وهادي دعاة المؤمنين أبو النجم بدر المستنصري عند حلول ركابه الإسكندرية ومشاهدته هذا الجامع خرابا فرأي بحسن ولائه ودينه تجديده زلفا إلى الله تعالي وذلك في ربيع الأول سنة سبع وسبعين وأربع مائة
وهذا ويوجد بالناحية الجنوبية الغربية من بيت الصلاة فتحة باب تؤدي إلى روضة الجامع وهي عبارة عن مساحة مستطيلة مكشوفة غرس بها بعض الأشجار وبلطت جدرانها ببلاطات من القيشاني الرائع والفائق الجمال يشبه في زخرفته وألوانه بلاطات الزليج المغربي الطراز وهو باللون الأبيض المزخرف بزخارف ملونة باللون الأزرق أما الطابق الأول للجامع والذي خصص لصلاة النساء فإنه يتم الوصول إليه من خلال سلم صاعد بالطرف الشمالي لبيت الصلاة ويتكون تخطيط هذا الطابق من مساحة مستطيلة تطل على بيت الصلاة بالطابق الأرضي من خلال شرفة من الجص محمولة على ثلاث أعمدة من الرخام بالطابق الأرضي وقد وصف بعض الرحالة الذين كانوا يفدون إلي الإسكندرية منذ إنشائها وخلال العصور المختلفة هذا المسجد وأشاروا إلى شكله المنتظم وفنائه الداخلي الذي تدور به الألوان ذات البوائك ويتوسط صحنه أشجار وميضة وقد ذكر أحد الرحالة ويسمي ترويلو المسجد في سنة 1669م أنه كان يقوم على كل ركن من أركانه الأربعة مئذنة مرتفعة وفي كتاب وصف مصر وصف للزخارف الرائعة المحفورة في الرخام والجرانيت والمرسومة بالفسيفساء

رئيس التحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

Related Articles

Back to top button